الاربعاء, 22 اغسطس, 2007
الذبابة و الكأس
الذبابةتسقط في الكأس الفارغ...وقعت عيناي عليها تترنح في قعر الكأس البارد...تحاول الصعود الى أعلى...و الطيران...كنت أتأملها مفكرا بهدوء صامتا في جانب من المقهى اللاغط...أمامي شاي أحمر كالبول... و جريدة صفراء...و علبة سجائر...كانت الذبابة تحاول الخروج من قعر الكأس بجنون و اصرار...كأنها سيزيف يأخذ الصخرة بين كتفيه الى أعلى الجبل...ثم تهوي الى القعر مرة أخرى...حملت الكأس بين أصبعي...و قربته من عيني لأرى جيدا ما تفعله الذبابة...كانت في عمق القعر تحك رأسها بيديها...و كأنها تفكرفي وضعها...و طريقة للتخلص من المأزق...تسلقت الزجاج المبلل الأملس بجناحيها المرفرفين دافعة برجليها الى وراء...و لكن سقطت...غطيت الكأس بكفي...على سبيل اللعب...كانت بعض العيون تتلصص علي...قلبت الكأس على كفي لأرى ما تصنع الذبابة اذا انقلب وضع الكأس...هل فكرت في أن الكأس صار مقلوبا؟ماذا لو سحبت كفي بسرعة من أسفل الكأس؟هل أتركها تذهب بهذه السهولة؟ و دون أن تبذل هي أي مجهود؟ من الأحسن أن تعتمد على نفسها دائما و أن لا تنتظر أي معونة من أحد
كان رأسي يطن بهذه الأسئلة كلها...و الخواطر تملأ ذاتي... أرجعت الكأس الى وضعه الأول...سحبت يدي ببطء...كانت الذبابة في قاعدة الكأس...ما تزال تحك جناحيها و تحاول الصعود...تتوقف...ثم تواصل...تتوقف...ثم تطوف بجوانب الكأس مترنحة ذات اليمين و ذات الشمال...رافعة رأسها الى فوق ثم الى تحت...يظهر لي أنها استكانت و استسلمت...فقدتوقفت تماما عن الاحتكاك بزجاج الكأس الأملس...توقفت عن هز رأسها و حك جناحيها...توقفت تماما عن تحريك رجليها هل ماتت؟ هل قررت الراحة قليلا للبدء من جديد؟هل أصيبت بانهيار و سأم من محاولاتها العبثية؟هل...و هل...؟
تتناسل الأسئلة كخيوط الدخان السوداء في دماغي و تكبر في فضاء المقهى المغلق...صار المقهى كأسا عملاقة لزجة ملساء...و أنا في قعرها كالذبابة أحاول تسلق الجدران الرطبة الرخامية...و عين سوداء كبيرة...كبيرة بحجم بركة آسنة تحاصرني مطلة علي من فوق...حاولت التسلق...لكنني سقطت...و حاولت الصراخ...لكنني لم أجد صوتي